الاستشهاد عَبْرَ إماتات الصليب «القوت اليومي
الاستشهاد عَبْرَ إماتات الصليب
إنه بموت الواحد قد افتُدِيَ العالم. والمسيح لم يحاول أن يتحاشى الموت، ولم يَهَبْه، ولم يكن ممكنًا أن يُخلِّصنا بوسيلة أفضل من الموت. وهكذا فموته هو حياة الكل. ونحن قد ارتسمت علينا علامة موته التي هي الصليب الذي نرسمه على ذواتنا في مواقف كثيرة من حياتنا.
نحن نُظْهِر قوة موته حينما نُصلِّي، ونُعلِن عن موته حينما نُقدِّم الذبيحة؛ لأن موته صار نصرة لنا، موته هو سِرُّنا، موته هو التمجيد السنوي الدائم للعالم.
وحقّاً لم يكن الموت من طبيعة الإنسان، ولكنه أصبح طبيعيًا، لأن الله لم يفرض على الإنسان الموت أولاً بل أعطاه إيَّاه كعلاج. فليتنا نتنبَّه لئلا يكون دوره بالعكس، لأنه لو كان الموت حسناً في ذاته، فلماذا إذن قد كُتِبَ أنه: «ليس الموت من صُنْع الله... لكن المنافقين جلبوا الموت بأيديهم وأقوالهم» (حكمة 1: 16،13).
وحقّاً لم يكن الموت جزءًا ضروريًا من العمل الإلهي، لأن مَن وُضِعوا في الفردوس كانوا مغمورين دائماً بجميع الخيرات. ولكن من أجل تعدِّي الإنسان، ابتدأ يَشْقَى بأتعاب غير محتمَلة، حتى كان من اللائق أن يضع حدّاً للشرور فيستعيد الموتُ ما فقدته الحياة، لأنه لو لم تُشرق النعمة على الخلود لكان الخلود عبئاً ثقيلاً أكثر منه ميزة نافعة.
القديس امبروسيوس(+397)