ألمتواضع الحقيقيّ «القوت اليومي

ليسَ لنا في المَجال أنْ نَعْتَبِرَ كلَّ إنسان مُتَواضِعًا، في أيِّ حال كان.

وَليسَ كلُّ ذي طبْع هادِئ وَديعًا مُسالِمًا بالِغـًا كرامَة الاتِّضاع،

بل المُتواضِعُ الحَقُّ مَنْ كانَ في نَفسِهِ شَيْءٌ خَفِيٌّ يَسْتَحِقُّ الارتِفاع، لكِنَّهُ لا يَتَعَظـَّم.

بَلْ يَكونُ في أعماق فِكرِهِ كالتُّراب.

ولا مَنْ يَذكرُ خَطاياهُ في مَظهَرِ تَواضُع مُتواضِع، ولو كانَ المَظهَرُ حَسَنًا جِّدا، إلاَّ أنَّهُ يَقرُبُ مِنَ التَّواضُع، يُحاوِلُ أنْ يَصِلَ إليه.

أمَّا المُتواضِعُ الحَقُّ فلا يَحتاجُ الى أنْ يُقنِعَ ذاتهُ أو يَغصِبَ فِكرَهُ على الشُّعورِ بالتَّواضُع أو خَلق ِ أسبابِهِ،

بلْ صارَ مِنْ طبْعِهِ، بِغَيرِ جَهْد، ألا يَحْسِبَ نَفسَهُ شَيئـًا، بَلْ خاطِئـًا حَقيرًا في عَينَي نَفسِه، على كوْنِهِ مُغَلغِلاً في أسْرارِ الرُّوح العَميقة،

 يَبقى في نَظرِ نَفسِهِ كمَنْ لا يَعرِفُ شَيئـًا.

قُوَّةٌ خَفِيَّة، هِبَةُ الكمال تُعطى تَكميلاً لِلفضائِل، بلا  تَعَب!


    قراءَةٌ مِنْ مارِ إسْحقَ السُّريانيّ (آواخر القرن السابع)