ألرَّاحَةُ ثَمَرُ التَّعَب «القوت اليومي

 

هَلْ تَعْمَلُ لِخُبْزِ الجَسَدِ وَحَسْب، حينَ تَأنَسُ بِرَغْبَةٍ في العَمَل ؟ ألا تُجاهِدُ حتَّى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَكَ رَغْبَةٌ في العَمَل ؟ إعْلَمْ أنَّ غَصْبَ النَّفْسِ على العَمَلِ أمْرٌ هامٌ جِدًّا في الأُمورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالرُّوحِيَّةِ على السَّواء ؟ كالصَّلاةِ وَقِراءَةِ الإنْجيلِ وَالكُتُبِ الرُّوحيَّة، الاشْتراكِ بِالخَدَماتِ الإلهيَّةِ في الكَنيسَة، لِلتَّعليمِ وَالوَعْظِ وَخِدْمَةِ الكَلِمة. لا تَرْضَخْ للِغَاشِّ الجَسَدِ الكَسُول، لِأنَّهُ مُفْعَمٌ خَطيئة، يَشْتَهِي وَيَنْشُدُ الرَّاحَة على الدَّوامِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بالهَلاكِ الأبَديّ.

لا تَطلَبْ راحَةَ الجَسَدِ بَلْ صَلِّ ! صَلِّ جادّاً مُهْتَمّاً، ولو عَقِبَ نَهارٍ مُرْهِق. لا تَكُنْ رَخِيَّ الهِمَّةِ في الصَّلاةِ القُدْسِيَّة، بَلِ انْتَصِبْ وَاتْلُ صَلاتَكَ مِنْ قلبِكَ حتَّى الخاتِمَة. لأنَّها حَقٌّ للهِ عليك. أمَّا إذا سامَحْتَ نَفْسَكَ بأنْ تُصَلّي في حالِ طَيْش، بالشَّفَتينِ لا بالقلب، فلنْ تَجِدَ في صَلاتِكَ أو بَعْدَها راحَة. إنْ شِئتَ أنْ تَسْتَريح، فاغْسِلْ خَطاياكَ بالدُّموعِ أمامَ الله.

إنْ كُنْتَ قدْ رَتَّبْتَ لكَ نِظامَ أنْ تَتْلو عَدَدًا مِنَ الصَّلَوات، أقصيرَةً كانَتْ أمْ طويلة، فأتِمَّ تِلاوَتَها باعْتِناءٍ حتَّى آخِرِ كلِمَة. إقْرَأ بِكُلِّ يَقظَتِكَ. لا تَعْمَلْ عَمَلَ اللهِ بِقلْبٍ مُنْقسِم، نِصْفُهُ مَعَ الله، وَنِصْفُهُ الآخَرُ يَطوفُ العالمَ. الرَّبُّ إلهٌ غَيور. لنْ يَسْكُتَ عَنْ خِداعِكَ وَإشْفاقِكَ على نَفْسِكَ. وَتَقولُ إنَّكَ تُصَلّي، وَأنْتَ لا تُصَلّي !

مارِ إسْحقَ السُّريانيّ (أواخر القرن السابع)