جمعة أسبوع الموتى المؤمنين «الإنجيل
إنجيل اليوم (لو 12/ 33-40)
33 بيعوا ما تملكون، وتَصدّقوا به، واجعلوا لكم أكياسًا لا تبلى، وكنزًا في السّماوات لا ينفد، حيث لا يَقتربُ سارِق، ولا يُفسِدُ سوس.
34 فحيث يكونُ كنزُكُم، هُناكَ يكونُ أيضًا قلبُكُم.
35 لِتَكُن أوساطـُكُم مَشدودة، وسُرجُكُم مُوقدَة.
36 وكونوا مثلَ أُناسٍ ينتظرون سيَّدهُم متى يعودُ مِن العُرس، حتّى إذا جاءَ وقرَع، يفتحون لهُ حالًا.
37 طوبى لأولئِكَ العبيد الذين، متى جاء سيِّدُهم، يجدُهم مُتيَقـِّظين. الحَقَّ أقولُ لكم: إنّه يَشُدُّ وَسطهُ، ويُجلِسُهُم للطعام، ويدورُ يَخدُمهم.
38 وإنْ جاءَ في الهجعةِ الثانية أو الثالثة، ووجدَهُم هكذا، فطوبى لهم!
39 واعلموا هذا: إنّهُ لو عرَفَ ربُّ البيتِ في أيِّ ساعةٍ يأتي السَّارق، لـَما تركَ بيتَهُ يُنقب.
40 فكونوا أنتُم أيضًا مُستعدّين، لأنّ ابن الإنسانِ يجيءُ في ساعةٍ لا تخالونها!
أوّلًا قراءتي للنصّ
أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم، عنوانان، الأوّل "الكنزُ في السّماء" (33-34)، ولهُ نصّ موازٍ في متّى (6/ 19-21)؛ والثاني "السّهر ومَثل العبد الأمين" (35-48)، ولهُ نصّ موازٍ في متّى (24/ 43-51)؛ يوجز "كتاب القراءات" مضمون هذا النصّ بالتالي: يأمر يسوع تلاميذه بإنفاق الغنى على الفقراء، وأن يظلّوا مُتأهّبين، مُنتظرين مجيء الربّ.
الآيتان (33-34)
يُمكنُ حصر مضمون هاتين الآيتين في أربعة أفكار رئيسَة هي: دعوة الربّ لنا، لكي نبيعَ ما نملك في هذه الدّنيا العابرة، لأنّه غير ثابت لنا؛ ودعوته لنا، لكي نتصدّق بثمنها للمحتاجين، لأنّ الفائضَ عن حاجاتنا هو حقّ لهم؛ وتأكيدُه لنا بأنّنا نكون هكذا، قد بدّلنا مالنا هنا، وهو غير ثابت، بكنزٍ لنا، ثابت إلى الأبد في السّماوات؛ وأخيرًا، بقدر ما ينقص كنزُنا هنا ويكبر هناك، بقدر ذلك ينتقل قلبنا من هنا إلى هناك، لأنّه حيث كنزُنا، هناك قلبُنا.
الآيات (35-40)
يمكن توزيع الأفكار الواردة في هذه الآيات والمُتداخلة بعضها مع بعض، على الأبواب التالية.
يطلب الربّ منّا، ونحن في غربة عنه، في هذه الحياة الدنيا، ألّا ننساه، وأن نعيش حياتنا وكأنّه غائب عمليًّا عنها؛ بل يطلب الربّ منّا، بالأحرى أن نبقى باتّصال دائم معه، لأنّه بعد قيامته، قد أصبح، هو، حاضرًا فينا وفي تاريخنا؛ ونحن، قد تحرّرنا من سلطان الظلام، وأصبحنا أبناء له، أبناء النور والنهار.
ويُحدّد الربّ اتّصالنا هذا الدائم به بثلاثة: حالة سهر وتيقـّظ، لكي لا يتمكّن عدوّ خلاصنا من الغدر بنا وتضليلنا؛ وحالة انتظار لاستقباله وفتح الباب حالًا له، إذا ما جاء وقرع الباب، إذا ما كلّمنا همسًا في الأعماق؛ وحالة استعداد وجُهوزيّة للقيام بما يأمرنا به، ولتتميم إرادته والانصياع لإلهاماته.
هذه الحالات الثلاث تجعل الإنسان المؤمن أمينـًا لإيمانه، إنّه العبد الأمين، الذي يستحقّ من سيّده المكافأة والطوبى: فيُجلسه للطـّعام على مائدته، ويشدّ وسطه ويدور حوله يخدمه.
ثانيًا قراءة رعائيّة
الآية (33)
مَن يُعطي ويتصدّق يتغلّب على خطر الغنى.
أعطيَ للآيات (35-48)، في "قراءة رعائيّة"، العنوان التالي: "مَثل الخدم الأمناء"؛ لأنّه هنا، تبدأ أمثال تحرّض التلاميذ والمؤمنين بيسوع، على السّهر، بانتظار عودة الربّ؛ فعلامات الملكوت ظاهرة في حياتهم وفي التاريخ، فيبقى عليهم أن يقرأوها.
شرح عبارات وكلمات
يشدّ وسْطه (37)
أو يشمرّ على ساعده: هكذا تنقلب الأدوار، ويصير السيّد خادمًا (لو 22/ 27؛ مر 10/ 45؛ يو 13/ 4-5، 12، 16).
الهجعة الثانية أو الثالثة (38)
أو نصف اللّيل؛ قسّم اللّيل أربع هجعات عند الرومان (مر 13/ 35)؛ وقسّم ثلاث هجعات عند اليهود (قض 7/ 19؛ متى 14/ 25).
ابن الإنسان يجيء (40)
مجيء الربّ أكيد، ولكنّ ساعة هذا المجيء غير معروفة (متى 24/ 30).
الأب توما مهنّا