الأحد الخامس من الصوم الكبير: آية شفاء المخلّع «الإنجيل
إنجيل مرقس (مر2/ 1-12)
الأحد الخامس من الصوم الكبير
أحد شفاء المخلّع
عَادَ يَسُوعُ إِلى كَفَرْنَاحُوم. وسَمِعَ النَّاسُ أَنَّهُ في البَيْت.
فتَجَمَّعَ عَدَدٌ كَبيرٌ مِنْهُم حَتَّى غَصَّ بِهِمِ المَكَان، ولَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ لأَحَدٍ ولا عِنْدَ البَاب. وكانَ يُخَاطِبُهُم بِكَلِمَةِ الله.
فأَتَوْهُ بِمُخَلَّعٍ يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةُ رِجَال.
وبِسَبَبِ الجَمْعِ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الوُصُولَ بِهِ إِلى يَسُوع، فكَشَفُوا السَّقْفَ فَوْقَ يَسُوع، ونَبَشُوه، ودَلَّوا الفِرَاشَ الَّذي كانَ المُخَلَّعُ مَطْرُوحًا عَلَيْه.
ورَأَى يَسُوعُ إِيْمَانَهُم، فقَالَ لِلْمُخَلَّع: «يَا ٱبْني، مَغْفُورَةٌ لَكَ خطَايَاك!».
وكانَ بَعْضُ الكَتَبَةِ جَالِسِينَ هُنَاكَ يُفَكِّرُونَ في قُلُوبِهِم:
لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هذَا الرَّجُلُ هكَذَا؟ إِنَّهُ يُجَدِّف! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ الخَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟.
وفي الحَالِ عَرَفَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُم يُفَكِّرُونَ هكَذَا في أَنْفُسِهِم فَقَالَ لَهُم: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِهذَا في قُلُوبِكُم؟
ما هُوَ الأَسْهَل؟ أَنْ يُقَالَ لِلْمُخَلَّع: مَغْفُورَةٌ لَكَ خطَايَاك؟ أَمْ أَنْ يُقَال: قُمْ وَٱحْمِلْ فِرَاشَكَ وَٱمْشِ؟
ولِكَي تَعْلَمُوا أَنَّ لٱبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا أَنْ يَغْفِرَ الخَطَايَا عَلَى الأَرْض»، قالَ لِلْمُخَلَّع:
لَكَ أَقُول: قُم، إِحْمِلْ فِرَاشَكَ، وٱذْهَبْ إِلى بَيْتِكَ!.
فقَامَ في الحَالِ وحَمَلَ فِرَاشَهُ، وخَرَجَ أَمامَ الجَمِيع، حَتَّى دَهِشُوا كُلُّهُم ومَجَّدُوا اللهَ قَائِلين: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هذَا البَتَّة!».
تأمّل:(لمزيد من الإستنارة الروحيّة قراءته طوال الأسبوع بتمهّل).
يُظهرُ أحدُ المُخلّعِ تجلّي وسُموَّ سُلطانِ يسوع الإلهيّ على غُفرانِ الخَطايا وعلى شِفاءِ النّفسِ والجَسَد. لقد برهَن يسوع عَنْ سُموِّ هذا السُلطان وقوَّتِهِ الخارِقةِ في شفاءِ مُخلّع كفرناحوم وجميع الأشفية التي صنعها.
في أعجوبَةِ شِفاءِ المُخلّعِ يَعْبُرُ المسيحُ بالإنسانِ مِن الإنتماءِ الأفقيِّ التُرابيِّ المَريضِ بالخَطيئةِ حتى المَوت، إلى الإنتماءِ العَاموديِّ الرُّوحانيِّ الجَديدِ إلى المَسيحِ الحيِّ والمُحْيي. فالمُخلّع هو الإنسانُ المريضُ في انتماءَيْه: الرُّوحيِّ والجَسَديّ.
إذ إنَّ شِفاءَ الرُّوحِ يُؤدّي حَتماً إلى شفاءِ الجَسَد. في هذا الشفاءِ عندما شَفى يَسوع المُخلّعَ أرادَ أنْ يُظهِرَ أنَّ الخَطيئة هِيَ عِلّة كُلِّ مَرَض، فلزِمَ بِالضرورَةِ رَفعَ السبَبِ لِرَفعِ المُسَبِّبِ أي أنَّ يسوع يُعالجُ السبَبَ والنتيجة في آنٍ معاً. هكذا يُضْحي شِفاءُ المُخلّعِ رمزاً إلى خلاصِ الخاطِئ ومَنْحِهِ الحَياةِ الأبَدية.
"يوم كفرناحوم" نَشهدُ في هذا النصِّ أنّهُ جاءَ يَسوعُ يَومَ السَّبتِ إلى كَفرناحوم. هذه المدينة مَعروفة وَمَشهورةٌ في الكِتابِ المُقدَّسِ حيث كانت مَسكِن يسوع طولَ مُدَّتِهِ التَبْشيريَّةِ في الجَليل. لقد صَنَعَ فيها الكثيرَ مِن المُعجزاتِ لِقِلّةِ إيمانِ أهلِها، لكنَّهم ظلّوا غير مُؤمنين، لذلك قال عنها: "وأنتِ يا كَفرناحوم، أتُراكِ تُرفعين إلى السماء؟ سيُهبط بِكِ إلى مَثوى الأموات. فلو جَرى في سادوم ما جرى فيكِ من المُعجزاتِ لبَقيَتْ إلى اليَوم" (متى23/ 11). في هذه المدينة وفي كُلِّ أنْحاءِ الجَليل كان يسوع يَعِظ ُ على شاطِئ البَحْرِ وعلى بابِ المَدينةِ وفي المَجْمَعِ والبُيوت.
مِنْ خلالِ كُلِّ هذا نَشْهَدُ أنَّ ما يَحدُث في كَفرناحوم وفي وَسَطِ المَدينةِ وفي المَجمعِ والبيتِ هُوَ نَموذجٌ عَنْ حَياةِ يسوع ومِثالٌ لِما سَيَحْدُث في مكانٍ أوسَع أي في الجليل كلّه. في الجليل وفي كفرناحوم يعلّم يسوع ويطرُدُ شيطاناً، وهذا ما يُمكِنُ أنْ يَحْدُثَ لأيِّ مكانٍ يَمُرُّ فيه يسوع.
يُمكننا أنْ ننطلقَ مِن كَفرناحوم حيث مَركز رسالة يسوع: المجمعُ مكانُ الصَّلاةِ العامَة، والبيتُ مكانُ الحياةِ الخاصَّةِ وبابُ المَدينةِ مكانُ الحياةِ العامَة. هكذا يجمعُ القِدِّيسُ مَرقس في لوحةٍ واحِدَةٍ كُلَّ مكان، أكان دينيًّا أو غير دينيّ، أكان عاماً أو خاصًّا. وبهذه الطريقةِ يُبيِّنُ لنا أنَّ عملَ يَسوع كان يَصِلُ إلى الكائِنِ البَشَريِّ بِكُلِّ أبْعادِهِ الحَياتيَّةِ والإجتماعيَّة. فالمَدينَة هِيَ مَكانُ العملِ والقفرُ هوَ مكانُ العُزلةِ والصَّلاةِ واللقاءِ بالله، حيث العِزلة والصَّلاةُ يُطلقانِ رِسالة يَسوع الخَلاصيَّة.
كان يسوعُ قدِ اشْتَهَرَ بِصُنْعِهِ المُعجزات، لذلك أتى النّاسُ إليه مِنْ كُلِّ المُدُنِ والقُرى المُجاوِرَة حتى لمْ يَعُدْ هُناك أيُّ مكانٍ على الباب. هُناك مَنْ سَمِعَ فجاءَ لِلمُشاهَدَةِ وهذا قد يَكونُ على سبيلِ الحِشْريَّة. وهُناك مَنْ جاءَ وظلَّ واقِفاً على البابِ بِسَبِبِ ازدِحامِ الجُموع، وهناك الكتَبَة والفريسِّيون.
وهناك مَنْ جاءوا بِقوَّةِ إيمانِهم وصَعَدوا إلى السَّطحِ ونَبَشوه ودَلّوا الفِراشَ الذي كان المُخلّعُ مَطروحًا عليه. يَسوع في البيتِ يُخاطِبُ الجُموع بِكَلمَةِ الله "ويتكلّمُ كَمَنْ لهُ سُلطان". كُلُّ النّاسِ يَغوصون في بَحْرِالخَطيئةِ وما مِنْ مُنقِذٍ إلّا يَسوع الذي جاءَ ليُحْيِيهم.
يُمَثـِّلُ الرِّجالُ الأربَعَة الكَنيسة في أربعَةِ أقطارِ العالم التي تَحمِلُ الخَطأة مِنْ كُلِّ الأصْقاعِ على فراشِ الألمِ وتأتي بِهم إلى يَسوع لِيَشْفيَهُم. لمْ يُعبِّرِ المُخلّعُ عَنْ إيمانِهِ بِيَسوع ولمْ يَطلبْ مِنْهُ الشِفاء. لكنَّ إيمان الكنيسةِ وصَلاتَها لِأجْلِهِ وشَفاعَتَها حمَلتْهُ إلى يَسوع.
لذلك عندما شَفى يَسوعُ المُخلّع، أظهرَ أنَّ الخطيئة هي عِلّة كُلِّ مَرَض، فلزِمَ بِالضَرورَةِ رَفعَ السَّبَبِ لِرَفعِ المُسَبِّب، وأنَّ شِفاءَ المُخلّعِ هُو رَمزُ خَلاصِ الخاطِئ ومَنَحَهُ الحياة الأبَديَّة. هذا الشِّفاءُ حَصَلَ في بيتِ سِمعان الذي يُمَثلُ الكنيسة، التي وَحدَها هي مُؤتَمَنَة على مَغْفِرَةِ الخَطايا بواسِطَةِ سُلطانِ الكَهَنَةِ وَوَحْدَها مُؤتَمَنَة على التعليمِ والتَبشيرِ بِكَلمَةِ الله. هذا ما بَدا ظاهراً في حَياةِ يَسوع التَّبشيريَّة: "فرَكِبَ إحْدى السَّفنَتَينِ وكانت لِسمعان فسألهُ أنْ يَبتعِدَ قليلاً عَنِ البرّ. ثمَّ جَلسَ يُعلّمُ الجُموع مِن السَّفينة" (لو3/ 5).
شدَّدَ مَرقسُ على قوَّةِ كلمَةِ يسوع، هذا التَعليمُ الجَديدُ مَملوءٌ سُلطانًا على عَكْسِ تعليمِ الكَتَبَة. يُلاحِظ الكَتَبَة هذا الأمْرَ ويقولون له: "بأي سُلطانٍ تفعلُ هذا". أثارَتْ هذِهِ الكَلِمَة جِدالاً بين يَسوع والكتبة، ظنّوا أنَّ يسوع عاجزٌ عَنْ شِفاءِ المُخَلّع.
كُلُّ هذِهِ الأعاجيبِ تُشَدِّدُ على سُلطانِ يَسوع المُطلقِ لا على شِفاءِ الأمراضِ الظاهِرَةِ فحسب، بلْ على شفاءِ الأمراضِ الروحيَّةِ الخَفيَّةِ وعلى عناصرِ الطَبيعةِ التي هيَ مِنْ سُلطانِ الله الخالقِ وَحْدَه. "قمْ فاحْمِلْ سَريركَ وامشِ". فالخالقُ هو الآن أمامَ خليقتِهِ وَيَكْشِفُ لها عَنْ ذاتِهِ لقد صَنَعَها بِيَديه. "قال... فكان كذلك". فإذا شاءَ استطاع أنْ يُعيدَ تَكوين خَليقته بعدَ أنْ أفسَدَتْ نَفسَها بِنَفسِها ويُعيدُ صُنعَها على صورَتِهِ ومِثالِه.
"يا بنيّ مغفورة لك خطاياك" ليستِ الخَطيئة هيَ الحقيقة الكُبرى في التاريخ بَلْ الحقيقة هي حقيقة الغُفران. لذلك لا يكشفُ اللهُ لنا عَنْ نَفسِهِ كَشفًا كاملِاً إلاّ حين يَكشِفُ أنّهُ قدرَةٌ لا مُتناهِيَة على الغُفران. إنَّ أعْمَق ما يُمكِنُنا أنْ نقولَ في اللهِ هوَ أنَّهُ قدرَةٌ لا مُتناهِيَة على الغُفران. إنَّ مَجَّانيَّة المَحَبَّةِ هِيَ التي تَغْفِرُ لنا وتُعيدُ لنا دائِمًا ما نَفقدُهُ بِالخَطيئة.
حيث الكَنيسة هُناك الشِّفاءُ وحيث الكَهَنَة هُناك الأسرارُ وغُفرانُ الخَطايا. إنَّ رِسالة الكَنيسَةِ هِيَ رِسالة مُزدَوِجَة تَشمُلُ الجَسَدَ والرّوح، عالمُ الأرضِ وعالمُ السَّماءِ بحيث أنَّ أيَّ فصلٍ بَين هَذين البُعْدَينِ أو أيَّ إهمالٍ لأحدِهما هُوَ بَتْرٌ لِرسالة الكَنيسة. فإنْ كانَتِ الكَنيسَة تُعلنُ كلمة اللهِ بِلغَةِ البَشَر، فالرُّوحُ القدُسُ يَجعلُ كلمَة البَشَرِ تَحْمِلُ قوَّةَ اللهِ ومَغْفِرَتَه.
فاللهُ حاضرٌ في وَسَطِ البَشَرِ مِنْ خِلالِ الكَنيسة، فهي في خِدْمَةِ كلمَةِ اللهِ ولا تَعلّمُ سِوى ما تَعلّمَتْهُ، فهي تُصْغي إلى كلمَةِ اللهِ بِتَقوى وتَحْفظها بِقداسَةٍ وتَعْرِضُها بأمانة.
عندما نصلُ إلى ذروَةِ الخطيئة تَتَفكَّكُ كُلُّ قراراتِنا وتَتَعَطّلُ إرادَتُنا وتَنْعَدِمُ حُرِّيَتُنا ومَعْرِفتُنا ولا يَعود لنا أيُّ شيءٍ فينا قابِلا ً لِلحياةِ ونَصِلُ إلى لحظةٍ في حياتنا نَفقِدُ فيها السَيْطَرَةِ على ذواتِنا. هذا التفكّكِ نَشْهَدُهُ في حَياتِنا عندما نلتقي إنساناً مُؤمناً وهوَ يُرَدِّدُ ويَقول: "أذكرني في صَلاتِكَ"، وهذا ما ينحسبُ أيضاً على سِرِّ التوبَةِ عندما نُشاهِدُ شَخصاً آخرَ يَذرِفُ الدُموع وهو يبوحُ في كُرسيِّ الإعترافِ بِخَطاياه فيُرَدِّد: لا أستطيعُ أنْ أخرُجَ مِنْ هذِهِ الخَطيئةِ وهو يتألم مِنْ جَراءِ هذا وهو لا يُريدها، فهو أضحى يعيشُ شيئاً لمْ يعُدْ يَستطيعُ فهمَهُ وحمله.
هذا التفكّك نعيشُهُ أيضاً عندما تكون لنا الرَّغبَة في الصَّلاةِ وعَيشِ سِرِّ المُصالحَة والإفخارستيا، لكِنَّنا نَشْعُرُ بأنّنا عاجِزون عَنِ القيامِ بِكُلِّ ذلك. هذا الوضعُ الأليمُ يتطلّبُ مِنّا جَهدًا مُضنيًا وهذا ما عَبّرَ عنهُ بولسُ الرّسولُ بِقوله: "ولكنّي أشْعُرُ في أعْضائي بِشَريعَةٍ أُخرى تُحارِبُ شَريعَة عقلي وتجعلني أسيراً لشريعَةِ الخَطيئةِ تلك الشَريعَة هي في أعضائي". (روم23/ 7).
أسئلة للتأمل والتفكير:
1- ما هي قيمة إيماني الذي أعيشه؟ هل أبقى في الخلف وأشير بإصبع الإتّهام إلى الكنيسة والكهنة مثل الفريسيين؟ هل أظل قابعًا وراء ازدحام الخطايا والضعف والخوف؟ هل تدفعني قوّة إيماني للصعود إلى حيث يسوع ينتظرني في سِرِّ التوبة أم أظلّ متردّداً؟
2- ما هو الدّور الذي نقوم به بالنسبة إلى الذين ابتعدوا عن حياة الله وعن الكنسية؟ هل نقيّمهم وندينهم أم نعمل على إصلاحهم؟ هل أدركنا إنّ ما نكرهه في الآخرين موجود فينا غالباً، وتضحي إدانة الآخرين إدانة أنفسنا؟
3- هل أدركت أنّ الخطيئة تُعدم حرّيتي وتعطّل إرادتي وتحطّم معرفتي وتفكّك كلّ قرارتي؟ عندما أعيش هذا التفكّك على جميع الأصعدة، هل أظلّ أثق بشفاء الله لي؟ وأنّ الله قادر أن يجمع حُطام إنسانيتي مهما تخلّعت وتفكّكت؟
صلاة:
يا من أتيت شافيًا لنفوسنا وغافرًا لخطايانا، إجعلنا ننحني أمام سرّ غفرانك الذي فيه تمحو جميع أثار خطايانا. أعطنا من خلاله قلبًا جديدًا ينبضُ بمحبّتك ويُشفى برحمتك. دعنا دومًا نحمل لك كلَّ أحداث حياتنا وعجزنا. قوِّ إرادتنا لنحمل دومًا إليك تفكّك إرادتنا ومعرفتنا ونفوسنا التي تتعثّر في ازدحام ضعفنا وخطايانا التي تسدّ طريقنا إليك. قوِّ إيماننا لكي نؤمن أنَّ عملك هو أكبر من كلِّ الظروف ويأس الأحداث. فلا لمعضلةٍ بلا حَلٍّ أمامك، ولا لمأزقٍ بدون مخرجٍ في تدبيرك، ولا لخطيئةٍ بدونِ غُفرانٍ أمامَ سِعَةِ رَحْمَتِك. نشكرك يا مَنْ تعملُ فينا دومًا دون أن ندرِكَكَ، لك المَجدُ إلى الأبد. آمين.
الأب نبيل حبشي ر.م.م.