من يعرف يسوع المسيح حقيقةً ويؤمن به «القوت اليومي
لقد حاول الأحبار ورؤساء المدينة أن ينقضوا جماعة المؤمنين بالمسيح منذ ولادتها، وألقوا القبض على الرسل ونهوهم عن التعليم باسم يسوع. أما بطرس والرسل أجابوا قائلين: "الله أحق بالطاعة من الناس. إن إله أبائنا قد أقام يسوع...وهو الذي رفعه الله بيمينه وجعله سيدًا ومخلصًا...ونحن شهود على هذه الأمور وكذلك يشهد الروح القدس" (أع 5، 29- 32). عندها دعا الأحبار ورؤساء المدينة الرسل وضربوهم بالعصي ونهوهم عن الكلام على اسم يسوع، أما هم فانصرفوا "مسرورين بأنهم وُجدوا أهلاً لأن يُهانوا من أجل اسم يسوع" (أع 5، 41).
أتساءل أين وجد التلاميذ الأولون القوة لشهادتهم هذه؟ لا بل من أين أتاهم الفرح والشجاعة للبشارة بالرغم من العوائق والعنف. لا ننسى أن الرسل كانوا أناسًا بسطاء، لكن كيف تمكنوا بالرغم من محدوديتهم والاضطهاد من أن يملأوا أورشليم بتعاليمهم؟ يمكننا أن نفهم هذا الحدث فقط في ضوء حضور الرب القائم من الموت معهم وعمل الروح القدس. فإيمانهم قائم على اختبار قوي وشخصي للمسيح المائت والقائم من الموت، لذلك لم يخافوا من شيء أو من أحد، لا بل كانوا يرون في الاضطهادات سببًا مشرِّفًا يسمح لهم بإتباع خطى يسوع والتشبه به والشهادة له بحياتهم.
إن قصة الجماعة المسيحية الأولى تخبرنا بشيء بالغ الأهمية، يصُحُّ لكنيسة كلّ زمن، ولنا أيضًا: من يعرف يسوع المسيح حقيقةً ويؤمن به، يختبر حضوره في حياته وقوّة قيامته، فلا يمكنه إلا أن يعلن هذه الخبرة، وعندما يواجه عدم تفهّم أو اضطهاد، يتصرف كيسوع في آلامه: يجيب بالمحبة وقوّة الحقيقة.
لنصل معًا طالبين عون مريم الكليّة القداسة لكي تعلن الكنيسة في كل العالم قيامة المسيح بصدق وشجاعة، وتشهد لها بعلامات محبّة أخويّة. لنصلِّ بشكل خاص للمسيحيين الذين يعانون الاضطهاد، لنصلِّ لهم بمحبة ومن قلبنا ليشعروا بالحضور الحي والمعزي للرب القائم من الموت.
البابا فرنسيس