المسامحة الأخوية «القوت اليومي

 

 

 

لقد نجا يوسف من البئر الذي رماه الحقدُ فيه، وكان ما كان وأصبح ذا نفوذٍ كبير في مصر وأجبرت المجاعة إخوته أن يأتوا مصر هربًا من الموت فوقف أمامهم يوسف ولم يعرفوه. وبدأ فعل المسامحة والغفران عند من كان قادرًا على الإنتقام ولم يفعل. بالمسامحة أصبح يوسف مصدر خلاصٍ من الموت لمن كانوا مصدر حزنه وقلقه حتّى الموت.

 

 

المسامحة صفةٌ من صفاتِ اللهِ الغفور، وهي حلية تسمح للإنسان بأن يعمل أعمال الله. إذا كان الإنسان عاجزًا عن الخلق من العدم فهو قادر على كثير من الأفعال التي يفعلها الله كالحبِّ والعطاء والغفران أو المسامحة.

 

والمسامحة تفترض وجود الإساءة، والخطأ والنقص، وهذه كلُّها موجودة في واقع الحياة اليوميّة. فإذا رفضنا مبدأ المسامحة جعلنا من العيش في العالم أمرًا لا يطاق، وجعلنا العداوة أساس العلاقات بين البشر، بينما نحن نرى أنَّ العلاقات وليدة الحاجة، فالإنسان لا يَحْسُنُ أن يبقى وحده، لذلك هو كائن إجتماعي وهو محكوم بالعلاقات لحسن مسار الحياة.

 

وهكذا تكون المسامحة البلسم اليومي لما يعيق مسار الحياة. فمن لا يستطيع أن يسامح لا يستطيع أن يعيش بين الناس، لأنّهم مفطورون على الوقوع في ما يزعج الآخر وإن كانوا أصلاً من معدنٍ طيِّب ومن طبعٍ حسنٍ.

 

فالإنسان يريد الخير ولا يفعله ويكره الشرَّ وإيّاه يفعل، من هنا جاءت الأخطاء والخطايا والإساءة، وكلُّ هذه تستدعي المسامحة من أجل الخروج من واقع العداوة.

 

 

 

الأب كميل مبارك